"أم صلمبويتي ولا كدكاي زول" و"لالوب بلدنا ولا تمر الناس
مدخل:
قبل ما يقارب الأسبوعان كنت قد شاهدت برنامج على إحدى قنواتنا السودانية؛ وكان اللقاء مع دكتور اختصاصي سوشيولوجي، لكني نسيت اسمه واعتذر عن ذلك، وقد كان الحديث يدور حول الموروث الثقافي السوداني.
لقد تحدث الدكتور حديث شيق أكد من خلاله أن عنصر الاختلاف في الثقافات السودانية، إن جاز التعبير، هو ليس بالقدر الذي سيجعل أحد ربوع السودان في عربة عن الآخر... على الأقل معظم التراث السوداني الثقافي هو متشابه أكثر منه مختلف في جميع بقاع السودان. وقد ذكر على سبيل المثال لا الحصر أن جزئية مثل "الجرتق" هي ثقافة مشتركة في جميع ربوع السودان تقريباً وكذلك عادة أخرى مثل "الشلوخ" حيث أثبت أن جميع أنحاء السودان شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً قد ما رست عادة الشلوخ أو الوسم على اختلاف أماكن تواجدها.
إذا أخذنا المثل الأول "أم صلمبويتي ولا كدكاي زلول" نجده ينحدر من تراث وثقافة أهلنا ناس الغرب... وأم صلمبوية هي نوع من الفئران - فار صغير ربما هو أمسيسي عندنا في الوسط؛ والكدكاي هو الفأر الكبير الذي نعرفه في الوسط بــ"الجقر"
لعل مفهوم المثل يعني الاعتزاز بما يملك الفرد حتى ولو كان ليس ذا قيمة حقيقية... التعبير من خلال الحيوانات مثل الفئران هو مجازي بالضرورة ولا يحط من قدر المعنى السامي الذي ذهب إليه المثل.
ملاحظتي على المثل هو أنه صيغ من خلال ضمير المتكلم الفرد... فهل هذا يشكل فرقاً؟ ربما.
بالنسبة للمثل الثاني: "لالوب بلدنا ولا تمر الناس" نجد أن المثل تأصل في بيئة الوسط فاتت تعابيره بعبق مفردات البئية والهجليج والنخيل ولكن... هل نلاحظ أن المثل يتحدث باسم الجمع المتكلم؟ بل ذهب بعيداً وكأنه يعبر عن السودان بصورة عامة وليس حصراً على منطقة الوسط، باعتبار أن السودان هو الوسط!
الملاحظة الأخرى أن المثل يضع التمر أو البلح في مرتبة أعلى من اللالوب بالرغم من أن اللالوب ثبت عنه أن شجرة الهجليج هي الشجرة الوحيدة التي لا "" يرمى منها شيء حتى اللالوب بعد استخدامه حيث يوظف سبحة (والألفية دلالة رمزية خالدة لتلك السبحة التي تصنع من اللالوب) وكذلك تراثنا في المديح يمجد اللالوب كثيراً لعلاقته الرمزية الحميمة مع الصوفية.
لا أجد أن البلح أعلى مرتبة من اللالوب رغم أهمية البلح وذكره في القرآن حيث يعرف الكل "هزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا"
ما أود الخلوص إليه هو لماذا نصيغ الكثير من الأمثال في عدة أشكال بالرغم من أن المثل واحد وربما التجارب الإنسانية تتقارب وتتشابه في جميع بقاع الدنيا؟ إنها دعوة لسياحة في أمثالنا السودانية ولعل المثلان موضوع الحديث قد صاغهما آخرون في بقاع سوداننا الحبيب من خلال مفرداتهم الخاصة كذلك ومن زوايا أخرى ولكن...
تبقى القيمة الفعلية للمثل هي أننا نعتز بثقافتنا وبقيمنا الجميلة التي لابد من الحفاظ عليها في إطار سودان موحد؛ وهذا هو السودان الذي نريد.
مع التحية و...
كل الود؛
مدخل:
قبل ما يقارب الأسبوعان كنت قد شاهدت برنامج على إحدى قنواتنا السودانية؛ وكان اللقاء مع دكتور اختصاصي سوشيولوجي، لكني نسيت اسمه واعتذر عن ذلك، وقد كان الحديث يدور حول الموروث الثقافي السوداني.
لقد تحدث الدكتور حديث شيق أكد من خلاله أن عنصر الاختلاف في الثقافات السودانية، إن جاز التعبير، هو ليس بالقدر الذي سيجعل أحد ربوع السودان في عربة عن الآخر... على الأقل معظم التراث السوداني الثقافي هو متشابه أكثر منه مختلف في جميع بقاع السودان. وقد ذكر على سبيل المثال لا الحصر أن جزئية مثل "الجرتق" هي ثقافة مشتركة في جميع ربوع السودان تقريباً وكذلك عادة أخرى مثل "الشلوخ" حيث أثبت أن جميع أنحاء السودان شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً قد ما رست عادة الشلوخ أو الوسم على اختلاف أماكن تواجدها.
إذا أخذنا المثل الأول "أم صلمبويتي ولا كدكاي زلول" نجده ينحدر من تراث وثقافة أهلنا ناس الغرب... وأم صلمبوية هي نوع من الفئران - فار صغير ربما هو أمسيسي عندنا في الوسط؛ والكدكاي هو الفأر الكبير الذي نعرفه في الوسط بــ"الجقر"
لعل مفهوم المثل يعني الاعتزاز بما يملك الفرد حتى ولو كان ليس ذا قيمة حقيقية... التعبير من خلال الحيوانات مثل الفئران هو مجازي بالضرورة ولا يحط من قدر المعنى السامي الذي ذهب إليه المثل.
ملاحظتي على المثل هو أنه صيغ من خلال ضمير المتكلم الفرد... فهل هذا يشكل فرقاً؟ ربما.
بالنسبة للمثل الثاني: "لالوب بلدنا ولا تمر الناس" نجد أن المثل تأصل في بيئة الوسط فاتت تعابيره بعبق مفردات البئية والهجليج والنخيل ولكن... هل نلاحظ أن المثل يتحدث باسم الجمع المتكلم؟ بل ذهب بعيداً وكأنه يعبر عن السودان بصورة عامة وليس حصراً على منطقة الوسط، باعتبار أن السودان هو الوسط!
الملاحظة الأخرى أن المثل يضع التمر أو البلح في مرتبة أعلى من اللالوب بالرغم من أن اللالوب ثبت عنه أن شجرة الهجليج هي الشجرة الوحيدة التي لا "" يرمى منها شيء حتى اللالوب بعد استخدامه حيث يوظف سبحة (والألفية دلالة رمزية خالدة لتلك السبحة التي تصنع من اللالوب) وكذلك تراثنا في المديح يمجد اللالوب كثيراً لعلاقته الرمزية الحميمة مع الصوفية.
لا أجد أن البلح أعلى مرتبة من اللالوب رغم أهمية البلح وذكره في القرآن حيث يعرف الكل "هزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا"
ما أود الخلوص إليه هو لماذا نصيغ الكثير من الأمثال في عدة أشكال بالرغم من أن المثل واحد وربما التجارب الإنسانية تتقارب وتتشابه في جميع بقاع الدنيا؟ إنها دعوة لسياحة في أمثالنا السودانية ولعل المثلان موضوع الحديث قد صاغهما آخرون في بقاع سوداننا الحبيب من خلال مفرداتهم الخاصة كذلك ومن زوايا أخرى ولكن...
تبقى القيمة الفعلية للمثل هي أننا نعتز بثقافتنا وبقيمنا الجميلة التي لابد من الحفاظ عليها في إطار سودان موحد؛ وهذا هو السودان الذي نريد.
مع التحية و...
كل الود؛
الأحد 28 يونيو 2020, 8:26 am من طرف amirageeb
» تجربتي مع برنامج الواتس اب تعالو شوفو اللي حصل
السبت 08 أبريل 2017, 8:11 pm من طرف zezeey saad
» برنامج مشاهدة الكره الارضيه بكل وضوح EarthView 4.5
الثلاثاء 01 نوفمبر 2016, 2:57 pm من طرف كمال الزيتوني
» عيد سعيد وكل عام والناس بخير
الأربعاء 06 يوليو 2016, 12:54 am من طرف blueshade
» مبادرة شباب كلكول
الجمعة 29 أبريل 2016, 1:14 pm من طرف amirageeb
» وعندك واحد جقاجق
الخميس 03 مارس 2016, 9:15 pm من طرف al-pegaa
» أحلي صباح
الثلاثاء 20 أكتوبر 2015, 9:18 am من طرف احلام
» عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير
الجمعة 17 يوليو 2015, 10:45 am من طرف amirageeb
» واجب وعزاء
السبت 18 أبريل 2015, 4:42 pm من طرف amirageeb
» إعادة توجيه "اللوحات العظيمة من أحد أعضاء منتدياتنا"
الأربعاء 03 سبتمبر 2014, 10:37 am من طرف زاهر النهيا